الأربعاء، 22 نوفمبر 2017



بقلم
د أماني زكريا الرمادي
الأستاذ المساعد بقسم المكتبات والمعلومات - جامعة الإسكندرية

    إلى كل طلاب وباحثي أقسام المكتبات والمعلومات الأعزاء :
   عزيزي الطالب والباحث في هذا التخصص العظيم،هل تعرف من أنت ؟!
أنت الوحيد الذي تخدم كل التخصصات المعرفية ،  
 أنت الوحيد الذي يزداد معرفةً بشتى التخصصات - كل يوم- من خلال عمله ،
أنت الوحيد الذي يساعد الآخرين على أن يعلِّموا أنفسهم بأنفسهم مدى الحياة ؛

أنت تساعد الناس على تنمِّية عقولهم وتغذية أرواحهم ، وتساعد على حل المشكلات ؛خاصةً  بعد ان تطوَّر دورك من مجرد حارس لأوعية المعلومات إلى مالك مفاتيح خزانات المعرفة !!!

   أنت تعمل بمهنة تستمد قيمتها من قيمة المعلومات، وانت تعلم جيداً  أن قيمة المعلومات تتزايد -في هذا العصر- يوماً بعد يوم !! 
  ومن ثم فإن تفوقك الدراسي يعني الكثير والكثير، ليس فقط لك ولأسرتك وأحبابك، بل لمجتمعك 
والمجتمع العالمي ،ومجتمع المعرفة !!
                 
          
   *إن تفوقك يساعد على تنمية معارفك ومن ثم قدراتك ومهاراتك ، مما يتيح لك العديد من فرص العمل المتميزة التي توفر لك مرتبا ًمجزيا ًومكانة اجتماعية لائقة !
إن تفوقك يؤدي إلى الإبداع في تقديم خدمات المعلومات ، سواء عملت في مكتبة أو قدمت  الخدمة عبر الإنترنت أو غيرها من الوسائل التكنولوجية
* إن تفوقك يؤدي إلى إتقان التعامل مع المستفيدين وتلبية احتياجاتهم بالشكل الأمثل ، مما يؤدي إلى نمو جدي للمعرفة .
* إن تفوقك يؤدي إلى الابتكار في تطوير قدرات ومهارات الأطفال والأميين والشباب 
وكبار السن والترفيه  عنهم وحل مشكلاتهم المختلفة

إن تفوقك يؤدي إلى تطوير أدوات المكتبيين كما فعل ملفل ديوي حين ابتكر تصنيفه العشري الشهير ! وكما فعل الأستاذ الدكتور شعبان خليفة والأستاذ الدكتور محمد فتحي عبد الهادي حين قاما بإعداد قوائم رؤوس موضوعات عربية عامة ومتخصصة ؛  ومن ثم تطوير العمل بالمكتبة وتيسير الوصول إلى المعلومات بشكل أكثر تطوراً وملاءممة للبيئة التي تعيش فيها .
* إن تفوقك يؤدي إلى ترجمة معارف عالمية متميزة في التخصص إلى اللغة العربية كما فعل الأستاذ الدكتور حشمت قاسم .
إن تفوقك ينتج عنه ابتكار برامج وتقنيات جديدة تناسب إمكانات واحتياجات المكتبات  المحلية كما فعل الأستاذ الدكتور أسامة السيد محمود حين قام وفريق العمل بمركز معلومات مجلس الوزراء بتطوير  برنامج LIS  ليصبحALIS   
وكما قام  اسماعيل رجب عتمان( الذي أصبح الآن عضو هيئة تدريس بجامعة الفيوم ) حين ابتكر برنامجه المعروف لخدمة العمليات المكتبية ومنا قام مركز أكمل بتطوير برنامج "المكتبي" لخدمة كل أنواع المكتبات العربية   .
إن تفوقك يؤدي إلى مشروعات عملاقة تفيد المجتمع العالمي مثل شبكة المعلومات العلمية والتكنولوجية ، وشبكة الجامعات المصرية، والفهرس العربي الموحد ، ونظام المستقبل لإدارة المكتبات الجامعية ، وغيرها . 
*إن تفوقك يساهم في تطوير تخصص المكتبات والمعلومات -الذي يخدم شتى التخصصات -من خلال إسهامك بإنتاج علمي متميز ونافع .
* إن تفوقك يعين على تيسير الإفادة من شتى التخصصات الأخرى لخدمة هذا التخصص،كما تم تطويع علم وتكنولوجيا النانو لخدمة تخصص  المكتبات والمعلومات .
إن تفوقك يساعد على أن يصبح العالم الذي نعيشه أجمل وأكثر راحة ورفاهية وتقدماً من خلال   توعية المجتمع والتفاعل مع مشكلاته أولاً بأول 
   


وبعد، فإن ما سبق ليس سوى أمثلة لما يمكن أن ينتج عن تفوقك
 ...ولكن دعنا نتسائل :
ما هو التفوق الدراسي الذي يؤدي إلى كل ذلك؟!!
هل هو مجرد اجتياز الاختبارات والفوز بالشهادات ؟!
أم تحصيل العلم النافع من مصادره الأصيلة ، ثم ربطه بالمعارف والخبرات السابقة لتوليد معرفة جديدة ، والاجتهاد لتطبيقها والإفادة منها وبها...ولكن  بأخلاقيات طالب العلم العربي الأصيل ؟!!    

الاختيار لك وحدك !

السبت، 18 نوفمبر 2017

الخط الكوفي الهندسي المربع حلية كتابية بجامع القائد إبراهيم في مدينة الإسكندرية "دراسة تحليلية للأسلوب والشكل والمضمون"

إعداد
أ.م.د/ أحمد محمد زكي أحمد: أستاذ الآثار والحضارة الإسلامية بقسم التاريخ والآثار المصرية والإسلامية
بكلية الآداب- جامعة الإسكندرية
قدم هذا البحث إلى  المؤتمر الدولي السادس، بعنوان: "الموروثات الثقافية بين الشفاهية والكتابية والتجسيد"، والذي نظمه مركز الدراسات البردية والنقوش التابع لجامعة عين شمس، خلال الفترة من 31 مارس- 2 إبريل 2015م، المجلد الأول، 2015م.

             Image result for ‫الخط الكوفي الهندسي‬‎            
يتناول هذا البحث الخط الكوفي الهندسي المربع الشكل كحلية كتابية بجامع القائد إبراهيم (1368- 1370هـ /  1948- 1950م) في مدينة الإسكندرية من حيث الأسلوب والشكل والمضمون، مع القيام بإعداد دراسة تحليلية مفصلة للطريقة الصناعية المستخدمة في تنفيذ كل حشوة، بالإضافة إلى وسائل شغل الفراغ بالنص، إلى جانب تحليل صور كل حرف من حروف نقوشه، فضلاً عن وصف الأشكال المتعددة لكل منها، مع القيام بدراسة تحليلية مقارنة للنماذج المشابهة لها في الأمثلة المملوكية السابقة والأخرى العثمانية، والمعاصرة لها من عصر أسرة محمد على باشا، إلى جانب توضيح الشكل الجديد المبتكر والغير مألوف من قبل في بعض نماذج الحروف، مع إعداد جداول تحليلية لحروف الكتابات الكوفية الهندسية المربعة الشكل وصورها المختلفة، بالإضافة إلى عمل تفريغ لكل حرف في صورته وشكله، فضلاً عن إعداد تفريغات لكل حشوة من حشوات الدراسة، كما يلفت البحث النظر إلى كيفية استخدام الخطاط المبدع لهذا النوع من الخط الكوفي الهندسي المربع الشكل في إحداث نوعاً من التوازن والتماثل على جانبي المحراب وواجهته تقبله العين وتألفه، وأخيراً أكدت الدراسة على كون عمائر مدينة الإسكندرية الدينية في العصرين العثماني وأسرة محمد علي باشا بمثابة متحفاً لنوعي الخط الكوفي الهندسي الشكل المربع والمستطيل.


Image result for ‫الخط الكوفي الهندسي المربع‬‎ 

The Square Geometrical Kufic script written Ornament in leader Ibrahim Mosque in the city of Alexandria
"An Analytical Study of Style, Form & Content"
Dr. Ahmed Mohammed Zaki Ahmed
==========
This paper deals with The Square Geometrical Kufic script written Ornament in Mosque of Leader Ibrahim in the city of Alexandria terms of style , form and content , In addition to reading texts accurately , with to prepare a detailed analytical study of the images of each letter of the carvings , along with a description of multiple forms of each, with a study comparative analysis of models of similar examples of Mamluk previous, Ottoman and The era of Muhammad Ali Pasha as well as to clarify the new shape innovative and unfamiliar before in some models of the characters, in addition to the preparation of analytical tables for ABC writings keffiyeh engineering shape and forms different , with the work of unloading each character in his image and shape, as well as the preparation of discharges per charge of fillings study, The research also draws attention to how to use the calligrapher creator of this type of Kufic script geometric square shape to make a kind of balance and symmetry on both sides of the mihrab facade accepted eye damaged, and Finally, the study emphasized the fact that the groves in the city of Alexandria religious Ottoman eras and the family of Muhammad Ali as a museum for the two types of Kufic script geometry square and rectangle.


الجمعة، 3 نوفمبر 2017

ملخص بحث: التصورات الشعبية للدائرة كرمز فى مجتمعين متمايزين : مصر والمغرب

تأليف
الأستاذة الدكتورة / منال عبد المنعم جاد الله
أستاذ  الأنثروبولوجيا ، ومدير معهد دراسات البحر المتوسط بكلية الآداب -جامعة الإسكندرية
نشر في المجلة الاجتماعية القومية ، المجلد الحادي والثلاثين العدد الثالث، سبتمبر 1994



Abstract

FOLK CONCEPTS OF THE CIRCLE AS A SYMBOL IN DIFFERENT SOCIETIES

Manal Gadallah

It is an almost generally accepted idea that the circle is the most perfect shape, and that roundness is the most agreeable and most comfortable form. One encounters this idea in a number of the cultures and societies studied by historians of religion as well as by anthropologists. The concept of “ L éternel retour” which has become an established notion and term in anthropological literature and more particularly in writings dealing with classical, and to a less degree primitive cultures and ceremonial performance, is derived from the circular movements, round shapes and the recurring physical phenomena and critical events in the life of individuals and societies. The Universe with its enormous numbers of planets and other heavenly bodies have in the popular mind round shapes and move perpetually around circular orbit thus causing alternate differences between day and night as well as between the different seasons. All natural and environment fluctuations take place at well-defined times in a regular cyclical order. The life cycle of the individual from birth to death then resurrection and life in the here-after is a perfect example of the circular arrangement of events of life. In many of the so-called primitive societies, villages, kraals, huts and meeting places are erected and distributed in a circular arrangement. In many ritualistic and religious ceremonies the performers are arranged in a circle so as to face each other as a symbol of integrity and direct communication. The Zikr which is practiced in Islamic societies by certain religious groups is a good example of the symbolic integrity and solidarity of the circle. In short the circle is generally regarded as a symbol of unity, perfection, perpetual movement and eternity in a large of societies and cultures.

This article endeavors to explain the symbolic significance of the circle in ordinary daily life and religious activities in both Egypt and Morocco. The study is based on ethnographic data obtained during field research in both countries.


 لقد خلق الله سبحانه كل شئ فى الكون يدور أرض وسماء وما بينهما من كائنات الكل فى حركة دائرية مستمرة، ولولا هذا الدوران بنظام محكم دقيق من صنع الخالق ما كان للحياة وجود. والانسان وكافة المخلوقات الحية تدور واذا حل أجلها وطوها الثرى كانت لها بين حبيباته دورات مع عناصر الارض والماء والهواء .... فأساس الحياة دورة تتبعها دورات، وهذه الدورات المتتابعة تحدث بيننا وحولنا دون أن يدرى لكثير منا كيف تحدث، فجمود الجماد شئ ظاهرى والواقع أن المادة الساكنة فيه تموج بالحركة والطاقات وتزخر بالنظم السابحة فى افلاكها، ودراسى هذه الدورات يعلمون مظاهر روعتها ودقة نظمها، ويدركون طبيعة حركتها فى السماء والأرض، وكأنها عجلة ضخمة متوازنة فى سيرها منتظمة فى دورانها(1). فالكون كروى والاجرام السماوية كروية بل الارض شبة كروية.
ووحدة البناء فى كل الأكوان هى الذرة فأجسامنا من ذرات والماء والهواء والأرض والجبال وما إلى ذلك من المخلوقات أساس بناءها ذرات، ولكى تكون هناك أرض وسماء وكائنات حية وجماد وماء وهواء ، كان لابد أن تحدث فى ذراتـها دورات حتى تبدو كمـا نراها(2).
والذرة بنيت على الأساس نفسه الذى بنيت عليه السماوات فهى النواة التى تدور وتدور حولها الاليكترونات – وهى أصل كا ماهو أكبر منها – ومثلها كمثل الشمس هى المركز أو النواة التى تدور حولها الكواكب بما فيها ، واذا سكنت هذه الحركة وتوقف دورانها لاندثرت الحياة فى الأرض والسمـاء بسـبب جاذبـــية النواة  
وكما تدور الذرات فى أفلاكها، وتدور المخلوقات الحية بخلاياها، وتدور الطاقات فى مخلوقاتها، وتدور عجلة الحياة، كان لابد من دورة أخرى تتم فى الهواءحتى تكتمل مظاهر الحياة على الأرض فجزيئات الهواء حولنا  لاتكف عن الحركة حتى ولو كانت فى حجرة مغلقة، فالهواء يدور حول الأرض و نحس به أحيانا كنسمات جميلة، وأحيانا يشتد قوته فيكون أعاصير فى شكل دوامات هوائية مدمرة ومن ثم فعوامل التعرية تؤثر فى الأشياء دائريا وعلى سبيل المثال ذرات الرمال والزلط.
    والنبات يأخذ شكلا دائريا وذلك واضح فى الأشجار وفروعها وجذورها وثمارها اذ لاتوجد حبة أو ثمرة لا تنتسب إلى الشكل الدائرى.
    واذا نظرنا من الناحية الظاهرية بصورة تشريحية لجسم الانسان نجد أن معظم الأعضاء تأخذ الشكل الدائرى كالقلب والمخ والجمجمة والعين والأذن والفم والرئتين والمعدة والكبد والأوردة والشرايين والأمعاء والعضلات وما إلى ذلك من الأعضاء الأخرى، وذلك بالاضافة إلى أن وظائف هذه الأعضاء تتم فى دورات كالدورة الدموية والدورة التنفسية والدورة الهضمية والمائية والدورة العصبية.
    كما أن حياة الانسان وكل كائن حى بصفة عامة تمر بدورة ، ويبين ذلك فى جلاء فى قول الخالق جل شأنه فى كتابه الكريم "الله الذى خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعض قوة ضعفا وشيبة"  .
   فدورة حياة الفرد هى عبارة عن سلسلة من المراحل تنتقل من مرحلة لأخرى، وهى بذلك تتشابه مع الكون والطبيعة، وهذا يتفق مع نظرة سبنسر للمماثلة بين المجتمع والكائن العضوى من حيث تصوره للمجتمع كجزء داخل فى تركيب النظام الطبيعى للكون(6).
    ولن نتخذ من المماثلة أساساً للبرهنة عليها واظهارها بشتى الطرق التى نسترشد بها فى بعض التصورات التى تحتاج إلى تفسير وايضاح. فالمجتمع يتعرض لظروف ايكولوجية تعرف بالدورة الأيكولوجية السنوية وهى ديناميكية تنعكس على مناشط الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتتكرر هذه الظروف سنويا ومعها مناشط الحياة المختلفة كما هو فى الاسكيمو وعند النوير جنوب السودان وفى الصحراء الغربية بمصر ونتحدث هنا كمثال عن دراسة مارسيل موس عن دورة الفصول عند الاسكيمو باعتبارها أول وأهم دراسة فى هذا الصدد وقد أهتم موس بتبيين التعارض الشديد الواضح بين فصلى الشتاء والصيف ففى الشتاء تتجمد الانهار وكل مسطحات الماء وكذلك مساحات كبيرة من البحر نفسه ويظهر فوقها الجليد... وفى الصيف يبدأ الجليد فى الذوبان وتنمو محله كثير من الأعشاب والطحالب.
    و لقد لاحظ موس أن ذوبان الجليد يؤدى الى زيادة صعوبة الانتقال من مكان لآخر على عكس ما قد يتبادر إلى الأذهان لأول وهلة ،وذلك بعكس الحال فى وقت الشتاء حيث يمكن الانزلاق على الجليد وقد أدى ذلك التعارض فى الظروف الطبيعية إلى نوع من الديناميكة الاجتماعية التى تتمثل فى تغير ظروف وملامح وأنماط الحياة بين الفصول. ففى الشتاء يمارس الاسكيمو صيد الأسماك بوسائلهم التقليدية التى تحتاج إلى فن ومهارة وحذق وفى الصيف يمارسون نوعا آخر من النشاط الاقتصادى يتمثل فى قنص بعض الحيوانت وجمع النباتات. مما يجعلهم يعيشون فى فصل الشتاء بالقرب من البحر ومجارى المياه للحصول على الطعام وانعكس ذلك على نمط العلاقات الاجتماعية من حيث التجمع وما يصاحبه من ظهور الحياة والشعائر الدينية والتعاون الاقتصادى على عكس فصل الصيف حيث التفرق فى البقاع الداخلية للبحث عن النباتات و الحيوانات وانعكاس هذا على نمط حياتهم من حيث وجود الزمر الصغيرة ذات التشتت والتفتت الاجتماعى(7).
وعلى سبيل المثال فالاقتصاد يعتمد على دورة المال، فالنقود لابد أن تدور فى الأسواق فى شتى مناحى الأنشطة التجارية والزراعية والصناعية لتحقيق التنمية فى هذه المجالات.
    وفى ضوء ما تقدم ذكره يبين أن كل شئ فى الكون يدور فى حركة دائرية كحقيقة ملموسة أو رمزية.
    وقد يرجع ذلك لأهمية الدائرة كشكل رمزى فهى الرمز الهندسى الأكبرالأهمية والأكثر انتشارا(8) فى مختلف التخصصات البيولوجية والرياضية والاقتصادية والسياسية والنفسية والاجتماعية والثقافية.

    وقد عنى العلماء فى مختلف التخصصات كالرياضيات والبيولوجيا وعلم النفس والاجتماع والفلسفة بالدائرة والدورات، ولأهمية هذه الظاهرة فى المجتمعات والثقافات المختلفة مما جعلها تستحق الدراسة فكان هذا البحث الذى نحن بصدده لدراسة التصورات الشعبية للدائرة كرمز فى مجتمعين متمايزين وهما مصر والمغرب لما للدائرة كشكل ومضمون من مدلولات فى الجوانب الاجتماعية المختلفة ومحاولة التعرف على التصورات الشعبية لمجتمعى الدراسة لهذه المدلولات وعلاقتها بنسق الأفكار والمعتقدات السائدة فى المجتمع، وفرض علينا موضوع هذا البحث المدخل الرمزى الذى تكمن أهميته فى الاهتمام بالمضمون والوظيفة للتعرف من خلالهما على أفكار المجتمع ومعتقداته، فالرمزية أداة للفهم والادراك، وهى تعبر عن أهم المقومات السائدة فى المجتمع، كما تمثل الرموز الصيغ الأولية التى تساعد الانسان على معرفة الأشياء وترسيخ بعض المعانى فى الأذهان(9).
    واعتمدت الباحثة على المنهج الانثروبولوجى التقليدى (الملاحظة بالمعايشة) مع الاستعانة بالمقابلة والملاحظة. وقد استغرقت الدراسة الميدانية ما يقرب من ستة أشهر أثناء القيام بدراسات سابقة للمنطقة نفسها. واستغرقت الدراسة الميدانية فى مصر مايقرب من خمس شهور.
    ويرجع اختيارنا لمجتمع فاس بالمملكة العربية المغربية كمجال للدراسة الميدانية لما تم ملاحظته أثناء دراسات ميدانية سابقة من أهمية الدائرة كرمز فى النواحى الاجتماعية المختلفة.
    واذا كانت المشكلة التى تواجه الباحث الانثروبولوجى تكمن فى دراسة الرموز ومحاولة فهم نسق الافكار والمعتقدات التى تعبر عنها، والتأثيرات المرتبطة باستخدام بعض المفاهيم الرمزية(10)، فالمشكلة هنا تزداد تعقيدا فى الدراسة التى نحن بصددها ، فالرمز من حيث المعنى له مستويين مختلفين يتمثل الأول فى الرمز الذى نشير به إلى معان أخرى تختلف عن معناه الحقيقى، ويطلق على شئ مرئى ومستحضر فى الذهن شبيه هذا الشئ دون أن يظهر وانما يدرك بواسطة ارتباطه به(11) والمستوى الثانى أن يكون الرمز معنى لما ليس له معنى مباشر بل معناه الحقيقى هو فى ذاته رمزى كما هو فى الدائرة والمثلث والرقم (12) وهذا مايطلق عليه الرمز المجازى الذى يشبه مايرمز اليه وتكمن أهميته فى معناها الرمزى(13) .
    وعن الصعوبات التى واجهت الباحثة فى دراستها الميدانية عدم وعى مجتمع الدراسة بالعلاقة الجوهرية بين الفعل والشكل الرمزى الذى يؤدى فيه مما جعل كثيرا من الأفعال ذات الشكل الدائرى الرمزى ترجع فى حقيقتها إلى تمسك المجتمع بعاداته وتقاليده المتوارثة بصرف النظر عن محاولة الوقوف على الدلالة الرمزية لهذا الشكل.
    ولاشك أن الانسان حين تنتظمه بعض الرموز أو التكوينات الرمزية كما هو فى حلقات الذكر أو الطواف فإنه لا يكون دائما على وعى بمدلولات هذه الرمزية وهناك كثير من الأفعال أو التصرفات النمطية التى تصدر عن الانسان دون أن تكون ذات دلالة واضحة أو يستحضرها ذهنيا فى سلوكه مع أنه لو حاول الوصول إلى تفسير لهذه الظواهر لتسنى له فهمها والارتباط القوى بها وتحقيق الفائدة منها.
    ومن الواضح أن عمومية الدائرة كتكوين أو كشكل فى التجمعات المختلفة انما يتحقق بكونها الصورة التلقائية لأى تجمع ما سواء كان تجمع دينى أو علمى أو سياسى أو رياضى وهو ما نراه مثلا فى تجمعات الازهر فى مصر والقروين فى المغرب فى لقاءاتهم العلمية والدينية   ،كما عرفه أعضاء المائدة المستديرة فى لقاءاتهم السياسية وكذلك مختلف الفرق الرياضية والجلسات الاجتماعية كما سوف نوضح فيما بعد.
    والأمر الذى يساعد على وجود الشكل الدائرى فى مختلف التجمعات هو وحدة الهدف ومحاولة الوصول لهذا الهدف بطريقة مباشرة مع الشعور بالتجانس والقرب الاتصالى بين جميع أفراد الجماعة ، وهذا الأمر بذاته يتضح بجلاء فى تمركز أعضاء المجتمع حول مصدر مائى أو بئر بترولى أو مركزا للعمل ..الخ.
    والعلاقة بين الرمز والثقافة علاقة وطيدة يكتسب الرمز معانيه من الثقافات التى ينشأ فيها (14)
    فالدائرة فى الثقافة المغربية لها أهمية رمزية تفوق أهميتها فى الثقافة المصرية واتضح ذلك فى تعدد وجودها كشكل رمزى فى مختلف جوانب حياتهم على الرغم من الاختلاف من حيث المغزى والمدلول من جانب لآخر كما هو فى:-اشكال مساكنهم وأنماطهم المعيشية .
-       الشعائر والطقوس المرتبطة بإحتفالاتهم فى المناسبات المختلفة
-       الطقوس المتبعة فى التعامل مع العالم الغيبى (الروحى) .
    ولقد تناولت هذه الدراسة التصور الشعبى لهذه الابعاد الثلاث فى المجتمع المغربى مع مقارنة هذا التصور وما يماثله فى المجتمع المصرى .
أهم نتائج البحث : 
    لقد أظهر البحث أهمية كبيرة للدائرة فى علاقتها بالمركز والعلاقة بينهما علاقة مزدوجة تشمل علاقة الدائرة بالمركز وعلاقة المركز بالدائرة فالمركز أساس الدائرة و هو بمثابة الهدف والغاية من ناحية، والمقدس من ناحية أخرى لذلك يرمز المركز العظمة والأهمية والهيبة. أما علاقة الدائرة بالمركز  فهى بمثابة تقدير وتبجيل واحترام  وتقديس واحتياج.
    ومما لاشك فيه الميل لاضفاء الروح الاسلامية على بعض الممارسات الشعبية الخاصة بالشكل الدائرى وتمثل ذلك فى وضوح بالحرص على الالتزام بالطواف سبع مرات حول المقدس أو الشىء الذى يلتمسون حلول البركة فيه كما هو فى الطواف بأشياء العروس قبل نقلها بيت الزوجية. وكذلك طواف العروس والعريس حول مقام أو ضريح الولى قبل الذهاب لبيت الزوجية، بالاضافة الى طواف المريضة فى حجرة خاوية لدى الفقيه المغربى وطواف المريضة حول الكرسى فى الزار...الخ. والى جانب ذلك بعض الممارسات ذات الطواف دون الالتزام بالعدد كطواف حول الأشجار والنار كما سبق وذكرنا و كذلك الطواف عكس اتجاه الشمس للتحكم فى الرياح.
    والذى أظهره البحث انعكاس هذا الشكل الدائرى فى ثباته أو حركته على كثير من أنماط الحياة المعيشية لما للدائرة من معان مجتمعة سامية ( كالتجانس والتضامن والتالف والمحبة ولما الشكل الدائرة من معان روحية عالية ( كالبركة، المقدس، التبجيل، والاحترام).












الأربعاء، 1 نوفمبر 2017

استثمار تقنيات انترنت الأشياء Internet of Things لتعزيز آليات الوعي المعلوماتي في مؤسسات المعلومات: دراسة تخطيطية


 إعداد
    د. أحمد فرج أحمد
قسم المكتبات والمعلومات –جامعة أسيوط
بحث منشور ضمن أوراق عمل المؤتمر27 للاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات (اعلم)
"الثقافة المعلوماتية في مجتمع المعرفة العربي: تحديات الواقع ورهانات المستقبل ."
الأقصر(مصر) 14-16نوفمبر 2016 .
الملخص :
من المرجح أن تُحدث تقنيات انترنت الأشياء تغييرات جذرية في الآليات التي تتبعها مؤسسات المعلومات لتقديم خدماتها الرقمية سواء لمنسوبيها أو المستفيدين منها وذلك بفضل قدرتها على ربط الكيانات ودعم التفاعل فيما بينها والعنصر البشري.
وتمارس هذه التقنيات أهمية ودوراً استراتيجياً لتعزيز رؤى مؤسسات المعلومات تجاه التخطيط لتنفيذ وتطوير خدمات وبرامج للوعي المعلوماتي وذلك من خلال تبني توجهات تعمل على توفير المقومات التقنية والبيئية الملائمة لربط الأشياء والكيانات وإتاحتها على أجهزة المستخدمين وبالتالي ضمان تفاعل المستفيدين مع كافة الخدمات والأنشطة المتاحة.
وتظهر كذلك أهمية الدراسة في العمل على تبني آليات متطورة لتصور نموذج تخطيطي يُمكن من الاستثمار الأمثل لتقنيات انترنت الأشياء في رفع كفاءة وفاعلية خدمات الوعي المعلوماتيوبيان تأثيرات ذلك على مؤسسات المعلومات.
تناقش الدراسة المفاهيم والنشأة والتطور والبنية الهيكلية العامة التي تتميز بها تقنيات "انترنت الاشياء"، واستعراض نماذج من استخداماتها والتحديات التي تواجههافي مؤسسات المعلومات وبيان سبل تخطيها، وذلك بهدف التخطيط لاستثمار هذه التقنيات لتطوير خدمات الوعي والثقافة المعلوماتية بهذه المؤسسات مع التطرق لاستشراف آفاقها المستقبلية.
 وقد فرضت طبيعة الموضوع استخدام المنهج الوصفي مع التركيز على آليات تحليل المحتوى في معالجة تجارب مؤسسات المعلومات العالمية والتي لها خبرات في استخدام تطبيقات انترنت الأشياء لإتاحة خدماتها الرقمية. ولقد حاولت  الدراسة التوصل إلى مجموعة من النتائج والتوصيات التي تثري موضوعها وتساعد الجهات ذات العلاقة على التخطيط وتبني الآليات التي قد تُمكنها من تعزيز خدمات الوعي المعلوماتي وبيان انعكاسات ذلك على تطوير أساليب العمل بها.

أبرز النتائج والتوصيات
  انتهت الدراسة إلى قيام العديد من مؤسسات المعلومات المتطورة بالبدء في استثمار تقنيات انترنت الأشياء لدعم خدمات الوعي المعلوماتي بها وإثراءتجربة المستخدم في التعامل مع مصادرها وخدماتها الرقمية وتطوير خدمات الوعي المعلوماتي،ومن أمثلتها تعزيز الوصول لمؤسسات المعلومات والإفادة من مصادرها، وإدارة المجموعات، والجولات الافتراضية الاسترشادية، وإثراء التعامل مع المجموعات الخاصة، والتحقق من توافر الأجهزة وإدارتها، وخدمة المصادر الموصي بها، وتحديد أماكن المصادر من قائمة الكتب المفضلة. مع أخذها بعين الحسبان تخطي التحديات التي تواجه نجاح استخدام تقنيات انترنت الأشياء في مؤسسات المعلومات ويمكن حصرها في التوافقية والتعقيد والخصوصية والأمن والسلامة.
ولقد أوصت الدراسة مؤسسات المعلومات العربية وخاصة الأكاديمية منها على أهمية تبني آليات متطورة للتخطيط والتنفيذ الفعلي لتقنيات انترنت الأشياء لتطوير خدماتها الرقمية.
كما أوصت الدراسة بضرورة العمل على تبني برامج التعليم والتدريب المستمر لرفع من كفاءة العاملين بمؤسسات المعلومات لمواكبة متطلبات التطورات التقنية والتكنولوجيا والخدمات التي يمكن أن توفرها مؤسسات المعلومات استناداً إلى تقنيات انترنت الأشياء.

الكلمات الدالة
انترنت الأشياء – الوعي المعلوماتي – الثقافة المعلوماتية – خدمات المعلومات – مؤسسات المعلومات – إدارة المعلومات